الخميس، 15 أكتوبر 2009

الهندي الصغير

في مكان ما بالهند
يصطف أطفال القرية بانتظام
في ساحة المنزل التي تحولت إلى مدرسة متاحة للجميع
يصطفون مرددين النشيد الوطني
لينطلقوا بعد ذلك إلى فصولهم
المكشوفة .. في الساحة الترابية
وقبيل الانطلاق لتلقي تلك الدروس
يقف بينهم المدير الصغير
ذو الستة عشر ربيعا
يخطب فيهم ويبين لهم أهمية النظام
والالتزام بالدروس



ها هم يقفون منصتين




المدير الصغير يدعى بابار علي


يتلقى تعليمه في مدرسة "راج جوفيندا"
والتي تعتبر واحدة من أفضل المدارس في بلدته
حيث الفصول نظيفة والمكاتب متوفرة
والسبورة والمدرسين
تعليم متواضع ولكنه بالنسبة لهم الأفضل


في كل يوم ينهي فيه بابار دراسته ينطلق إلى منزله
حيث مئات الأطفال بانتظاره ليغدق عليهم من العلم الذي ارتشفه هذا الصباح
هؤلاء الصغار وبعد أن أنهوا وظائفهم:
خدمة البيوت بالنسبة للبنات

والعمل في الحقول بالنسبة للأولاد

أتوا مسرعين متلهفين
لهذه المدرسة التي تقدم التعليم بالمجان
فهم فقراء لدرجة لا تسمح لهم حتى بالحصول على الزي المدرسي الموحد
وما يجمعونه من دولارات قليلة في الشهر يعطونها لأهلهم الذين هم في أمس الحاجة لها

تقول "شومكي هاجرا" التلميذة في هذه المدرسة:
"إن أبي معاق وغير قادر على الكسب، ونحن بحاجة إلى المال كي نعيش كأسرة،وبالتالي فإنه ليس أمامي خيار سوى العمل"
"ولكن وبفضل بابار علي، تحصل هاجرا الآن على قسط من التعليم، فقد جعل علي تعليم المئات من الفقراء هدفا له، فبعد انتهاء يومه الدراسي لا يتوقف للعب وإنما ينطلق ليشارك الأطفال الآخرين ماتلقاه من العلم"


أشرف بابار على التعليم بنفسه ، بل هو المعلم وهو المدير في الوقت ذاته،




وبعد أن كانت المدرسة قد بدأت بتسعة تلاميذ فقط هم أصدقاء علي ، ظنا منهم أن الأمر مجرد لعبة وترفيه،
صارت المدرسة تضم نحو 800 طفل كلهم من الفقراء المعدمين .
والآن يعمل مع بابار عشرة مدرسين آخرين هم طلبة متطوعون أيضا .


الخلاصة من العرض السابق كله:
هذا الصبي الهندي
ليس بأفضل حال من أقرانه الذين يتعلمون بين يديه
ربما توفرت له فرصة أكبر منهم قليلا وانخرط للتعلم في مدرسة نظامية
ولكنه في كل الأحوال صبي فقير
لم يمنعه فقره من النهوض وتحدي كل الظروف
ورأى أنه أفضل حالا من غيره _ولو بقليل_
فجاهد نفسه .. وجاهد طفولته .. وحبه للعب .. ليعلم غيره من الأطفال
الذين لم يحالفهم الحظ للحصول على مثل ما حصل عليه هو
أين نحن من هذا الصبي؟
مقدراتنا أين والفتات الذي عنده أين؟
هل جاهدنا أنفسنا يوما لتقديم شيء للآخرين ولو بسيطاً؟
هل تركنا شيئا تحبه أنفسنا من أجل الآخرين؟

لا أقول فلنصنع من ساحة منزلنا مدرسة !! و"انيمع يهال الفريج"!!
ولكن في الحياة هناك أشياء كثيرة يمكننا تقديمها
بابار لم يقل أنا فقير وحالي من حالهم .. ولست مكفولا بهم !!
رؤيته الشفافة لما عنده جعلته يعتقد أنه عالم !! وغني !! وقادر !!
فأنجـــــز !!

باختصار

بابار لم يكن كما كنا

وكما نكون دائما

عندنا الكثير من الوقت والجهد والمال
ونقول : لا نملك .. لا نستطيع .. لو أن عندي لفعلت .. لو .. لو ..

فلننظر إلى ما حولنا بتمعن
ولننظر إلى طاقاتنا وقدراتنا
سنعرف أننا نملك الكثير
وأن هناك الكثيرون الذين بإمكاننا تقديم شيء لهم
وأن هناك الكثير لنقدمه ..!



بابار الآن سعيد
فالسلطات الهندية قد اعترفت بمدرسته
وأثنت على دورها في محو الأمية في المنطقة
ومنحته جائزة على جهوده :)))



* الاقتباسات والصور من موقع بي بي سي-العربية

8 التعليقات:

صريح يقول...

اتفهم جيداً سر حماسك لهذه التدوينة ، لطالما امنت ان لكل فرد منا بركان من الإرادة بداخله يستطيع ان يقهر اي شيء يقف في طريقه ، لكن حتى ينفجر هذا البركان يجب ان يكون هناك هدف واضح ومحدد نقاتل من اجله ، وارى ان المدير الصغير كان يحمل هدفاً واضحاً ومحدداً وهو ان لايحرم طفل من التعليم.

في النهاية لكل منا طريقين اما الانطلاق بقوة نحو اهدافه
واما اختلاق المزيد من الاعذار للهروب من انجازها

BookMark يقول...

صدقت .. لابد من وجود هدف واضح لنحدد تحركاتنا

أشكر مرورك .. إضافتك أثرت تدوينتي

صمت البوح يقول...

امممممممم اتعجب من حال طلابنا اليوم ..متوفرة المدارس والكتب والمعلمين..والحمدالله كل شي يحتاجه التلميذ موجود
بس نريد منه ان يدرس ويرفع وطنه عاليا بالعلم والاجتهاد
انهم لن يشعروا بقيمة العلم والتعلم فقط اذا فقدوه

الله المستعاان ..انظروا كيف هؤلاء الفتيه رغم صعوبة الحياه..لم ييؤسوا..بس عملوا وتعلموا
ونشروا العلم

>>>الناس تطور ونحن نرجع لورى
موضوع حلو ياليت لو شباب اليوم يشوفونه
ويستفيدون منه


تسلم اناملج ع الموضوع

BookMark يقول...

صحيح صمت البوح .. الله المستعان
عزيزتي أشكر متابعتك
دمتِ

mese يقول...

الإنجازات ليست أقوال وإنما أفعال..مصحوبه بقوة إرادة..وعزيمة..

كثير ما يخطر ببالنا أعمال نود القيام بها..ولكن أكثرها لم نستطع إنجازة..لأنها لم تكن مقرونه بعزيمة ملتهبه..

وأهم من ذلك كله..هو الثقه بالنفس..والإيمان بأننا قادرين على العطاء..والعمل المفيد..

أموون.. فتحتي لنا باب كبير..الكلام فيه أبد ما يخلص..

الله يجعلنا وياج..من أصحاب الهمم العاليه والعزيمة..والعمل الصالح الذي يرضي الله..

BookMark يقول...

mese/
أضفتِ شيئا كدت أنساه حقا
,,العزيمة,,
كثيرا ما نقول سنفعل وسنبدأ بالعمل ..
ثم تخور قوانا في لحظات ..
السبب : لم يكن تخطيطنا مصحوبا بعزيمة كافية !!
عزيزتي أشكركِ بعمق ..
وأأمن على دعائك .. آمين

مقاول بناء الكويت 99796914 يقول...

أنا أقول
الايدي التي تعمل خير من الايدي التي تصلي

BookMark يقول...

خالص الشكر