السبت، 23 يناير 2010

ظُلُمَات

في ظلمة المكان
ووحشته
تجلس هناك بعد آلام المخاض
تذرف الدمع .. وتندب حظها
وتتمنى لو ماتت قبل هذا الموقف

تلتفت للصغير الذي تحتها ..
من أين أتى؟ أهو مني؟

تهز بجذع النخلة القريب
يتساقط الرطب
وتأكل ..



تحمل رضيعها
تستعد للرحيل
وملاقاة عيونٍ لا ترحم ...


***


في ظلمة المكان ..
ووحشته
يتقلب مع تقلب الموج
ويتخبط مع تخبط الظلام
في أعمق عمقٍ من المحيط
يتلوى من الحزن
ويتحسس جدار ذلك البطن الهائل
بطن الحوت
يتمنى لو تتمزق الجدران ..
أو يلفظه الحوت في أية لحظة ..
يستغفر .. ويلجأ إلى مولاه
ينادي في الظلمات:
"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين"


***


في ظلمة المكان
وعتمته ..
يرتعش بردًا .. وخوفـًا
حزنـًا ..
وألمًا .. من غدر أقرب الأقربين له
ما الذي جنته يداي لألقى في هذه البئر السحيقة؟
أي مصير ينتظرني؟

دلوٌ ينزل من الأعلى
يتمسك به
ويتعلق ..
ينجو أخيرًا .. وسط وجوه مستغربة ..
لينتقل معها إلى مصير ٍ آخر مجهول


***


في ظلمة المكان
ووحشته ..
طفل رضيع في سلة ..
يذهب حيث يرسله الموج
لا يعرف من أمر الدنيا شيئا
ولا يدري ما الذي كان .. وما الذي سيكون

تلتقطه يد رحيمة ..
لتعتني به
وتتخذه ولدًا
ليعيش ويكبر
في قصر عدوه ..!

الأحد، 17 يناير 2010

AVATAR


صراع بين الخير والشر .. ولكن من نوع آخر
قد تبدو القصة مألوفة .. حين نرى ذلك الصراع الأزلي بين الخير والشر ..
في معظم أفلام هوليود
ولكن جاءت هنا مختلفة بعض الشيء .. وبتقنية صورية فائقة الروعة ،،
من حسن الحظ أن الإبهار البصري رغم أنه طغى على الفيلم بأكمله .. إلا أنه لم ينتقص من روعة القصة والأحداث،،
اعتقدت في البداية أني سأذهب فقط لأشاهد تلك الأبعاد المتناهية في الدقة .. وسأستمتع بالصور التي جرى العمل على كل واحدة منها 47 ساعة كما قيل !
إلا أنني في الحقيقة استمتعت بالفيلم منذ أولى لحظاته إلى آخر ماتبقى منه ..
ورغم أني توصلت إلى أن القصة مزيج من قصة "طرازان" و "أتلانتس" .. إلا أنها بالتأكيد تحوي بعدًا يميزها لم أكتشفه بعد..
تشبه "طرازان" في ذلك الفتى الذي قضى أيامه بين القرود يتعلم حياتها ليصبح في النهاية واحدًا منها بل وزعيمها،
وتشبه "أتلانتس" في ذلك المكان المجهول الذي يسعى البشر لاكتشافه وأخذ خيراته والنيل من أي حياة فيه ..
وعلى الرغم من كوني لا أستسيغ أفلام الخيال العلمي .. إلا أن هوليود نجحت أخيرًا في كسر هذه القاعدة لدي
باختصار الفيلم يستحق المشاهدة :)

*يعرض الفيلم على الشاشات العادية، وشاشات الديجيتال التي أعتقد بأنها عالية الجودة والوضوح، وشاشات آي ماكس ثلاثية الأبعاد، والأخيرة هي التي شاهدت الفيلم من خلالها

السبت، 16 يناير 2010

كـُنْ


كـُنْ صورةً لكل شيء بغيض
كن لوحةً لفنانٍ فاشل . . .

كـُنْ شبحًا .. أراه في الخيال فقط .. فأرتعد وأدفعه

كن ماردًا .. يخرج من مصباح بغيض .. فأصده وأحبسه .. وأرمي بالمصباح بعيدًا

كن روحًا شريرة .. تـُروى في حكايات الأطفال .. فيمقتونها ويرتعبون منها .. ويخلدون للنوم

كن طيفـًا باهت اللون .. يحوم فوق أرضي الجرداء .. فلا هو يرويها ولا هو يأخذ منها لونـًا

كن سرابًا بعيدًا .. يتلاشى .. لا يصل إليه أحد .. ولا يروي أحدًا

كن شيخًا هرِمًا .. يحفر الزمن بين قسمات وجهه .. فيتركها أرضًا خرِبة

كن صحراء قاحلة .. ملاذ ًا للأفاعي والضباع .. تلدغ الأولى وتندس في جحورها .. وتأكل الأخرى من جـِيَـف الأخيار

كن مـُرًا .. كن علقمًا .. كن سُمـًّا ..

كن خريفـًا يتساقط فيه كل شيء ..

كن خسوفـًا يحجب كل جمالٍ

كن بقايا كوكب بادَ وتهالكَ وتناثر

كن لحنـًا مخيفـًا .. يُعزف في الجنازات الطويلة

كن فكرًا سقيمًا .. يراودني فأعاركه .. وأهزمه وأرفضه

نعم كن مرفوضًا .. مرفوضًا من أرضي وسمائي

يقاسي ألم الرفض والنبذ .. تحت جو ممطر عاصف .. فيسقط في الوحل

كن قبرًا .. كن لحدًا .. كن موتـًا ...!

يرعبونني ولا يأخذون مني شيئـًا ..!

لأنه لم يحن أوانهم بعد ...
كن لا شيء ..
لأنك فقط .. لا شـيء ..!

السبت، 9 يناير 2010

من وراء مكتب

صورة لفراشة زرقاء علقتها على مكتبي، أهدتني إياها زميلتي في القسم .. وكأنها تعلم بأمر فراشتي الزرقاء أعلى المدونة ;)

لا أجد سببًا مقنعًا يدفعني للجلوس خلف هذا المكتب سبع ساعات متواصلة، لا يفصل بينها سوى لحظات قليلة موزعة ما بين إفطار سريع وصلاة ضحى وصلاة ظهر، لتبدأ المعاناة مع آلام الظهر والرقبة والمفاصل ..
أحيانًا أتمنى أن أكون ذلك المراسل الذي يتنقل بين الإدارات، ويجوب المؤسسة طولاً وعرضًا، حتمًا إنه لا يشعر بتلك الآلام التي تشتد على ظهري .. تغدو وتروح .. تشتد وتخف .. تهبط وترتفع .. وتتنقل من فقرة إلى أخرى بكل مكر وخبث، تستمتع في لهوها وهرولتها على تلك العظمات وبين جنباتها، ولا تشعر بحنقي عليها وغضبي المتطاير .. ألا تفهم تلك الإشارات التي أرسلها باعتدالي في جلستي وانحنائي مرارًا يمينـًا وشمالاً .. ووقوفي وجلوسي؟ كيف لا تفهم أنها إشارات تذمر وملل من ذلك الألم الذي تبعثه وتبثه في عظامي باستمرار؟
وفي أحيانٍ أخرى أود لو أنزل إلى الملعب الأخضر المجاور.. هرولات خفيفة فيه كفيلة بأن تـُذهب ما فيني .. لولا خوفي من العيون المتطفلة من خلف النوافذ العاكسة،، ستراني من حيث لا أراها .. وستضحك وتتجمهر وتشير بأصابعها وتسخر! لا لا لن أعرض نفسي لموقف كهذا من أجل وصلة ألم ستزول بعد ساعات معدودة!
ثم إنني سأطالب بتقليص عدد ساعات الدوام! نعم سأفعل! من سيسمعني؟! أبواب المسؤولين كلها مفتوحة وحاضرة لسماع جميع الشكاوى والمقترحات صدقوني! ألا تصدقونني؟؟؟!
يجب أن أتحرك لفعل شيء ينهي هذا العذاب!
خلال فترة وجيزة أنهيت قراءة عدد خيالي من الروايات! ليس لأنه لا شيء لدينا نعمله .. ولكن لأن عملنا ينتهي ومازال هناك فائض وقت!
شكوتُ لزميلتي هذا الأمر فكان ردها أنه لولا الساعات الفائضة هذه لما قرأتِ كل هذا .. ما اعتبرته انجاز يضاف لي ...
أحببتُ فكرتها .. ولكني أفضل استغلال هذه الساعات بالنوم بدلاً من القراءة ;)
الوقت يمر .. تشتد هذه الآلام وتصل ذروتها قبيل ساعة الانصراف، ليبدأ العد التنازلي المحسوب بدقة، ثم النظر المتواصل والمتنقل ما بين ساعة يدي وساعة الكمبيوتر وساعة الخلوي، حتى إذا ما حان الوقت لملمتُ أغراضي بسرعة وأعدت ترتيب الأشياء إلى أماكنها على سطح المكتب وداخل أدراجه وبين أرفف الخزائن، وأرجعت الكرسي الأزرق ليأخذ مكانه مندسًا بين أرجل المكتب وزواياه، وانطلقتُ مسرعة أسابق الزمن الفاصل بين ساعة انصرافنا وساعة انصراف الرجال .. خمسة عشر دقيقة ليست بكافية لتنسحب جميع النساء وتخلي المكان لأصحاب "الدشاديش" القاتمة و "الغتر" البيضاء ، ليتمكنوا من الانصراف بأريحية وهدوء، ودون مزاحمة عند أجهزة تقبل الأصابع وترتشف من شقوقها ما يثبت الهويات ..
حين أصل إلى سيارتي وأوشك أن أدير مفتاح التشغيل .. أشعر بأصابعي تقبض على القلم بشدة وتتحرك بطريقة ديناميكية لا تشبه الطريقة التي اعتدتها حين أدير المفتاح فيها، لأجد نفسي قابعة خلف المكتب ذاته الذي تطايرت منه أفكاري وتخيلتُ اليومَ وقد انقضى وحان وقت الرحيل .. ولازلت أكتب!
لازلت إذن في مكاني أعاني من آلام مبرحة أعلى الظهر ومن منتصفه، أنظر إلى تقويمٍ لم تزل صفحاته في بداياتها قليلة خفيفة تنتظر أن تـُطوى فوقها صفحات أخرى وأخرى لتحس بثقل دافئ ينيخ بأطرافه عليها .. فيريحها من عناء المسؤولية .. لتسترخي بهدوء .. تعلوها ابتسامة جاءت بعد انتهاء مدة خدمتها واستلام الصفحات الأخرى هذه المسؤولية ..
أنظر مجددًا إلى الرقم سبعة المطبوع في جبين الروزنامة .. إنه اليوم السابع من ميلاد المسيح .. وكلمة (الخميس) مستلقية على يمينه مبتسمة .. تشير إلى انتهاء أسبوع عمل .. وبداية لنهاية أسبوع :)

الاثنين، 4 يناير 2010

Choice

لو رأيتَ كائنا ضعيفا مقلوبًا على عقبه _حشرة مثلاً_ تتعذب وتتصارع من أجل البقاء، وتحاول جاهدة النهوض لإكمال سيرها وحياتها، فإن أمامك عدة خيارات تفعلها:
إما أن تتركها وشأنها، تتعذب وتتعارك مع المكان، وهي بذلك إما أن تنجو أو أن تموت.
وإما أن تساعدها بحركة بسيطة تعتدل فيها وتنهض وتكمل يومها وحياتها بنجاح .. وتريحها من عذابها .
وإما أن تسحقها بقدمك .. فتموت .. وتريحها من عذابها أيضًا ...!