يوبخ الأكبرُ الأصغرَ
بغضب .. وبشدة
يشتد به الغضب .. ويأخذ بلحية أخيه .. ويجرها
كما يمسك شعر رأسه .. ويشده
من فرط غضبه على تفريط قومه لأمر الله
يعاتبه: "ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعنِ أفعصيتَ أمري" ؟؟
لماذا لم تمنعهم عن عبادة العجل؟ لـِمَ لمْ تقاتلهم؟ لـِمَ لمْ تخبرني بما صنعوا؟ أيرضيك أن يكفروا ويعبدوا إلها غير الله؟!!
يتوسل الأخ الأصغر : يا ابن أمي .. " لاتأخذ بلحيتي ولا برأسي"
ويبرر صنيعه قائلا: "إني خشيتُ أن تقولَ فرقتَ بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي"
خشيتُ يا أخي أن يتفرق القوم ويقاتل بعضهم بعضًا ويصيرون أحزابًا .. أردتُ أن أحفظ قولك لي بأن أتعهدهم وأصلح فيهم .. ريثما تعود .. فهم أمانة في عنقي يا أخي ..
كان هذا مشهدًا بين سيدنا موسى وأخيه هارون عليهما السلام
استوحيته من حديث والدتي .. كلما سمعت هذه الآيات الكريمة تدمع عينها وتقول:
"يكسر الخاطر .. مسكين..! تخيلي إيره (يجره) من شعره .. ولحيته ..!! يعور القلب ..!! "
سوء تفاهم حدث بين الإثنين
الأول كان حريصًا على أن يخلص قومه العبادة لله
فقد تعب في هدايتهم .. وإرشادهم للطريق القويم
والآخر لم يرد أن يخالف أمر أخيه بأن يحفظ السلام بينهم والأمان
حين ذهب موسى عليه السلام للقاء ربه في الميقات المشهور .. وترك قومه من خلفه مستعجلا اللقاء
"وعجلتُ إليك ربِ لترضى"
وترك هارونَ فيهم .. حارسا لتقلبهم غير المتوقع .. والمتوقع ربما
فكان ما كان .. وحدث ما حدث
وأوضح هارون صفاء نيته وقصده
وكلم أخاه برفق ولين .. ليذهب هذا البأس وذلك الغضب
نعم .. فالماء أقوى من الصخر
وذهب الغضب فعلاً وتلاشى
"ولمـّا سكت عن موسى الغضب"
سكت هذا الغضب .. وخفت صوته .. وذهب
صورة رهيبة .. لأخوين متحابين
لم يفرق بينهما سوء التفاهم هذا
ولم يقف الخلاف في طريقهما نحو إكمال الدعوة وهداية الناس
بل بقيا جنبًا إلى جنب .. يشدد أحدهما أزر الآخر
ويعينه .. ويسنده
ماذا لو كان هذا المشهد في بيتٍ من بيوتنا؟
أخ يفهمه أخاه بطريقة خاطئة .. ليوبخه .. بل ويضربه !
هل سيغفر له سوء فهمه حينها؟؟
***
*غير متعلق بالموضوع :
الحمدلله الذي نصر موسى على فرعون في العاشر من محرم
وهنيئـًا لمن صام عاشوراء (يوم أمس) فقد غفرت له سنته الماضية بإذن الله